المحاضرة الرمضانية الحادية والعشرون للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي 26 رمضان 1439هـ
مع عباد الرحمن في سورة الفرقان
أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
بسم اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، وأشهد أنَّ سيدنا محمدًا عبده ورسوله خاتم النبيين.
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وارضَ اللهم برضاك عن أصحابه الأخيار المنتجبين، وعن سائر عبادك الصالحين.
أيها الإخوة والأخوات:
السَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛
نواصل الحديث على ضوء الآيات المباركة في سورة الفرقان، التي تقدِّم لنا النموذج المتميز الذي يسعى الإسلام في هديه وقرآنه، وفي قدوته رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” إلى صناعته في المجتمع الإسلامي، كيف تكون أنت كمسلم، كيف تكوني أنتِ أختي المسلمة كمسلمة في السلوكيات، في الأعمال، في الروحية، واليوم مجتمعنا الإسلامي بشكلٍ عام، نحن، كل فردٍ منا يحتاج إلى الاستفادة من هذه الآيات المباركة، ليسعى ويعمل ويبذل جهده لأن تنطبق على واقعه، حتى يكون بتوفيق الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، وباعتماده على الله، وباستعانته بالله، ومن خلال اهتدائه بكتاب الله… واحدًا من تلك الفئة الناجية والفائزة والمفلحة في هذه الحياة، من المؤمنين، من المتقين، من عباد الرحمن الفائزين بخير ما وعد.
يقول الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً * وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}[الفرقان: 63-67]، تحدثنا بالأمس عن قوله تعالى: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً}، ومن الملاحظ أهمية هذه الآية المباركة، وحاجة الناس إليها، خصوصًا في هذا الزمن: زمن السيارات، زمن الازدحام المروري، زمن الحوادث المرورية، زمن مشكلة المخالفات المرورية في المدن، وما ينتج عنها من حوادث مأساوية تودِي بحياة الكثير من الناس، اليوم حياة الآلاف من الناس تُهدر، والكثير منهم يكونون ضحية لكثيرٍ من الحوادث المأساوية المرورية، وأكبر سبب فيها، وأول عامل رئيسي، هو: انعدام التحلي بالمسؤولية في حركة الكثير من الناس، فهو: إما مستهتر ولا يبالي، وإما يتحرك- مثلًا– وهو يقود سيارته ويمارس هواية السرعة، البعض عنده هذه الهواية: السرعة الجنونية، السرعة غير الطبيعية، البعض أيضًا، مثلًا: في المدن، في التقاطعات والشوارع المختلفة، يأتي بدافع التكبر، وعدم الانضباط، والنفسية المستهترة بالآخرين، فلا يلتزم بالضوابط المرورية، والإرشادات المرورية التي تنظِّم حركة السير، ويتفادى الناس بها الحوادث المأساوية، حوادث الصدام والاصطدام بين السيارات، وهكذا تحصل الكثير من الحوادث.
التوازن والاستقرار النفسي من أهم ثمار الإيمان
الإنسان المؤمن نفسيته نفسية متزنة، وهو يعيش حالة الإحساس بالمسؤولية في كل شؤون الحياة: في كل تصرفاته، في كل أعماله، ونفسيته وقورة، متزنة، ليس متسرعًا في كل أموره، ليس مستهترًا بحياة الناس. |لا|، عنده حرص على حياة الناس من حوله، وعلى ممتلكاتهم، لا يسعى للإضرار بالناس بغير حق، وفي نفس الوقت نفسيته متزنة، يعني: البعض- مثلًا لاحظوا- في شهر رمضان المبارك، لشدة حرصه أن لا يتأخر عن الإفطار ثانية أو دقيقة، يتهور بشكل رهيب جدًّا، إذا كان قد تأخر في آخر النهار، وهو يظن أن أذان المغرب سيكون قبل أن يصل إلى المنزل مثلًا، يتهور بشكل جنوني جدًّا، يصل ويفطر أول ما يدخل وقت الأذان (أول ما يؤذن). |لا|، النفسية المؤمنة نفسية متزنة، وقورة، هادئة، ليست هلوعة، هذا التوازن وهذا الاستقرار النفسي هو واحدٌ من أهم ثمار الإيمان، هذه السكينة النفسية.
الإنسان المتهور، غير المتزن في الحياة، الذي قد يتسرع جدًّا، ويسبب حوادث كبيرة في واقع الحياة، هو فاقد لهذا الاتزان، وهذه السكينة النفسية، وهو يعيش تلك الحالة من التهور، من انعدام الاستقرار النفسي، من الانزعاج الشديد، والتسرع الشديد، والانفعال الشديد، والاندفاع اللامسؤول في كل الأمور؛ لا يعيش حالة السكينة، ولا الوقار، ولا الاتزان، ولا التماسك النفسي الذي هو واحد من أهم الثمار الإيمانية، من أهم ما تجنيه من ثمار الإيمان هو التماسك النفسي، في كل الظروف، في كل الأحوال، عند الخير وعند الشر، في أي واقع أنت فيه تعيش حالة التماسك النفسي، السيطرة على النفس، السيطرة على الأعصاب، وتحظى في ذلك برعايةٍ من الله الذي تلتجئ إليه على الدوام، تلتمس توفيقه على الدوام، تستعين به في كل أمرك وشأنك وشؤون حياتك.
فلو أخذ مجتمعنا المسلم بهذه الآية المباركة، لكان من أحسن المجتمعات استقرارًا، وأقلِّها حوادث، بالنسبة لحوادث السير، الحوادث المرورية، مشاكل الازدحام في المدن؛ لأن حالة الانتظام ستساعد على معالجة الكثير من المشاكل، أيضًا الألفة؛ لأن هذه الحالة من العنجهية واللامبالاة والغطرسة في أثناء قيادة السيارة تؤدي إلى استفزاز لمشاعر الناس، الناس يستفزون من إنسان يجي يعربد بسيارته، ولا يحترم أحدًا، ولا يبالي بأحد، أو يمر من أماكن مزدحمة بطريقة عبثية، ومستفزة، ومظاهر اللامبالاة بالناس، هذا كان قد صدمه، وهذا كان قد أعماه، وهذا ما بلا نكع في الاتجاه، وهذا ذهب إلى الاتجاه الآخر… استفزاز كبير، ومقت لدى الناس، يصبح الإنسان ممقوتًا، مكروهًا، لا يحظى بالاحترام.
التواضع، حسن التصرف، الالتفات إلى واقع الناس، الاهتمام بالناس، الحرص على الناس، يساعد على إيجاد بيئة من المحبة، من المودة، من الاحترام المتبادل، من التقدير، من تفادي الكثير من المشاكل، والمشاحنات، والبغضاء، والعداوات… وإلى آخره.
الانضباط في حركة المرور من مكارم الأخلاق
وأيضًا يدخل ضمن هذه السكينة والوقار في حركة الإنسان، ليس فقط، مثلًا: عندما ننظر إلى قضية السرعة الجنونية الزائدة، أو حركة السير التي تنبئ عن لا مبالاة بالناس، واستهتار بهم، واستهتار بحياتهم، استهتار بممتلكاتهم، الحالة الأخرى، هناك حالة سلبية أخرى، غير مسألة السرعة الزائدة، غير مسألة مظاهر التكبر في السرعة، وهي الإضرار بالناس، بطريقة مختلفة، مثل: الوقوف حيث لا ينبغي أن تقف، حيث ستقطع على الناس حركة السير مثلًا، البعض يتصرف بهذه الطريقة: يتوقف بسيارته في مكان مهم، الناس بحاجة للعبور منه بشكل مستمر، إذا توقفت فيه أنت توقف حركة السير، وأنت تقطع على الناس طريقهم، والبعض بكل برودة أعصاب قد يتوقف في وسط الطريق، أو وسط الشارع، إما ليتحدث مع شخص آخر، تأتي سيارة من هناك وسيارة من هناك بينهم صحبة، أو بينهم موضوع لتبادل الحديث بشأنه، توقفا بكل برودة أعصاب، ولا مبالة بالناس الذين قد قطعوا عليهم الطريق بتوقفهم ذلك، لا مبالاة بالناس، لا احترام، لا تقدير للناس، أنهم سيتأذون من قطع الطريق عليهم، من إيقاف حركة السير عليهم، ويجلس يتبادل الحديث مع ذلك الشخص بكل استهتار ولا مبالاة، الناس الآخرون بمجرد قطع الطريق عليهم سيتأذون، بمجرد إيقاف حركة السير سيتأذون، ما بالك أن البعض قد يكون مستعجلًا لمرض، أو لظروف مهمة، أو لموعد والتزام معين، هذا الوعي في مجتمعنا الإسلامي الذي يربينا في كل مجالات الحياة، في كل مسارات الحياة، في حركتنا في الحياة، بحيث نطبع واقعنا بكله بطابع الأخلاق، بمكارم الأخلاق، بالصفات الحسنة، بالآداب الحميدة والجميلة والعظيمة، نحتاج إليه كمجتمع مسلم، نحتاج إليه، في أمسِّ الحاجة إليه، ونحن أولى من كل الشعوب، أولى من كل الأمم، في الأرض قاطبة، في الأرض كافة، بهذه الآداب، بهذه الصفات الحميدة، بهذا الانضباط وهذا الالتزام في حركتنا في الحياة، هذه مسألة مهمة جدًّا، وأن تعالج- أيضًا– بصفة أخلاقية، وباعتبارها من مكارم الأخلاق التي يدعو إليها ديننا، {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا}، السكينة، الوقار، الاحترام للناس، الالتفات إلى الناس وعدم الإضرار بهم، الخلو من كل حالات: التكبر، الخيلاء، اللامبالاة بالناس حالة خطيرة تستفز الناس؛ لأنها تنبئ عن عدم احترام للناس، عن عدم تقدير للناس، وبالتالي التكبر على الناس، يعني: أنت تحتقرهم، أنت تستهين بهم، أنت تستخف بهم، أنت لا تبالي لا بمشاعرهم، لا بحياتهم، لا بأذيتهم والإضرار بهم، طبيعي عندك، حالة غير إيجابية نهائيًا، حالة سلبية، حالة لا تنبئ عن واقع إيماني في الحالة النفسية، فلذلك مطلوب اليوم من كل فئات المجتمع: المسؤولين، الأمنيين، العسكريين، الشخصيات والوجاهات الاجتماعية، كل الناس الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب شأن وأصحاب أهمية، عليهم أن يكونوا هم القدوة للمجتمع في التواضع، في الاتزان، في أن يكون مشيهم على الأرض هونًا، بسكينة، بوقار، أن لا يمشوا بمرح، أن لا يمشوا بتكبر، أن لا يستخفوا بالناس، ولا بمشاعرهم، ولا بممتلكاتهم، البعض قد يزهق روحًا بعنجهيته ولا مبالاته، بسرعته الجنونية والعبثية، غير اللازمة، قد يزهق أرواحًا، قد يتحمل في ذمته ناسًا، بشرًا، حياة ناس، مسألة خطيرة، أو يضر بممتلكات الآخرين، أو يؤذي الناس، ويوجد حالة من الاستفزاز والانزعاج في حياة الناس، في مشاعرهم، يوجد جوًا مزعجًا يعني، فمطلوب أن يلحظ الناس في حركتهم في الحياة هذه المسألة، وأن يتخلقوا بهذا الخلق، وأن يلتزموا هذا السلوك الراقي الإيماني.
الترفع عن مجاراة السفهاء
{وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}، كذلك تحدثنا بالأمس، ونزيد اليوم، أن هذا مما يساعد على الاستقرار وسلامة البيئة الداخلية للمجتمع المسلم، يقلل من كثير من المشاكل، ما أكثر المشاكل التي كان وراءها كلمة زادت وكلمة نقصت، يأتي سفيه، يأتي إنسان جاهل، غير متزن، لا يتحدث عن أخلاق، عن معرفة، عن وعي، عن رشد، الحالة التي لا يتحدث فيها الإنسان عن رشد، عن فهم، عن أخلاق، هي جهالة، فيسيء إلى هذا، أو يجرح مشاعر هذا، يتكلم إلى ذاك، البعض من الناس قد يستفز بشكل سريع، فيبادل بموقف أو بكلمة أكثر إساءة، وهكذا- كما يقولون- كلمة زادت وكلمة نقصت ومشكلة، فترى هذا اقتتل مع ذاك، وهذا دخل في اشتباك مع ذاك، وهكذا تحصل مشاكل كثيرة.
فالبيئة الإيمانية هي بيئة ترفع، بيئة كرامة، بيئة عدم انزلاق إلى أبسط وأتفه الأشياء، بيئة يتحلى الناس فيها بالمسؤولية، يحرصون على سلامة الوضع الداخلي، والتركيز على قضايا كبيرة، على هموم كبيرة، على تحديات كبيرة، على مشاكل كبيرة، مثلًا: البعض من الناس ذي عنده رغبة في المشاكل (مشكلاني)، بإمكانه يتمشكل في محلها، يعني: مشاكل حيث ينبغي أن يتمشكل، يذهب إلى حيث يكون للموقف قيمته، إلى حيث يكون لما يحاول أن يبرز نفسه به من قوة، أو فتوة، أو شجاعة، أو بطولة، أو اعتبار ذاتي، أو…الخ. إلى الميدان الذي موقفك فيه موقف مشرف في محله، تدافع عن المظلومين، تقف ضد الطغاة والظالمين والمجرمين والمستكبرين، تتصدى للمعتدين المجرمين من قتلة الأطفال والنساء، والغزاة المحتلين، هناك المكان المناسب، الذي تبرز فيه: شجاعتك، فتوتك، بطولتك، قوتك، بسالتك… هناك.
ليالي عباد الرحمن
{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً}[الفرقان: من الآية64]، ليلهم ليس ليل عبثٍ ولهوٍ، ولا مضيعة، وما أحوجنا في مجتمعنا المسلم- في كل المجتمعات- إلى أن نكون متنبهين إلى أهمية هذه المسألة، للأسف الشديد الشباب- بالذات- في كثيرٍ من الأقطار الإسلامية باتوا عرضةً للضياع، من خلال الجر لهم إلى أن يكون ليلهم ليل عبث، وليل لهو، وليل ضياع، بعض المجتمعات- والعياذ بالله- فيها المراقص، فيها بارات الدعارة والفساد والجريمة والرذيلة، ويعمل الشيطان وأولياء الشيطان والنفوس الأمَّارة بالسوء إلى الضياع بالناس والضياع بالشباب في تلك الأماكن القذرة ليضيعوا فيها ليلهم، وهذه قضية خطيرة، خطيرة للغاية، تفسد النفس البشرية، وتفسد المجتمع المسلم وتضيعه، وتضيع إيمانه، وقيمه، وأخلاقه، وإحساسه بالمسؤولية، وتضرب كرامته، هي أكبر معول هدم يدمِّر الكرامة الإنسانية، والشعور بالكرامة، والإحساس بالكرامة والشرف والسمو والعزة، وكل ما يساعد مجتمعنا الإسلامي على التماسك، وعلى الصمود، وعلى القوة، وعلى المَنَعَة المعنوية والذاتية والداخلية والأخلاقية.
أضف إلى ذلك أن البعض– مثلًا– يضيعون ليلهم على مواقع التواصل الاجتماعي، يضيع كل ليله على مواقع التواصل الاجتماعي، يكون أكثر ما يركِّز عليه في انشغاله ذلك: لهو، عبث، كلمات سيئة، لغو بكل ما تعنيه الكلمة، كلمات تافهة، كلمات لا قيمة لها، لا أهمية لها، فيهدر الكثير من وقته في الليل في ذلك.
البعض- مثلًا- وراء المسلسلات، قد يضيع كل ليله وهو متسمر بعينيه باتجاه شاشة التلفاز، يراقب المسلسلات طوال الليل، البعض مسامرة، يجلسون مسامرة، إما في الشارع، إما في مجالس اللهو، وتبادل للكلام اللغو والكلام التافه، البعض في الألعاب: إما الألعاب الإلكترونية، وباتت مضرة رهيبة جدًّا، ومفسدة هائلة على الكثير من الشباب، تضيع كل أوقاتهم، وكذلك البعض- مثلًا– على الباصرة، أو على أشكال متنوعة ومتعددة، يمضون كل وقتهم عليها، يمضي الليل بكله، حتى في ليالي شهر رمضان المبارك، خير الليالي، وأفضل الليالي، وأعظم الليالي، حتى في العشر الأواخر التي هي مظنة ليلة القدر، البعض يهدر هذا الوقت الثمين والعظيم الذي سيتندم على تضييعه أشد الندم يوم القيامة، ويشعر كم كانت خسارته، كم كانت- كذلك– هذه الخسارة فظيعة جدًّا ورهيبة جدًّا، حينما أهدرها إما في معصية تحمَّل فيها الوزر والإثم والذنب والعقاب، وإما أنه أضاعها ضياعًا عبثيًا، فخسر بدل أن يستثمر، في أقل الأحوال أنه أضاعها، أضاع أوقاتًا ثمينة وعظيمة، كان بالإمكان أن يستثمرها فيما ينفع ويفيد، في طاعة الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى.
عباد الرحمن المتقون المؤمنون كيف يستقبلون ليلهم؟ يستقبلونه هذا الاستقبال الراقي العظيم: بالإقبال إلى الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، {سُجَّداً وَقِيَاماً} يستقبلون ليلهم بالصلاة، والله قد نظَّم لنا كيف نستقبل ليلنا، وكيف نستفيد منه، بدءً بصلاة المغرب والعشاء، والتي يفترض أن يحرص الإنسان المسلم عليها بشكلٍ كبير، وأن يستقبل بها ليله، وأن يجعلها- أيضًا– دخولًا في هذا الليل، ويجعل معها الكثير من الطاعات والعبادات: تلاوة قرآن، أو المزيد من النافلة، الإقبال إلى الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، آخر الليل كذلك يمكن للإنسان أن ينهض من نومه، هذه حالة الإنسان المؤمن يستيقظ مبكرًا ما قبل دخول الفجر، كعادة يحاول أن يتعود عليها؛ ليدرك وقت السحر، ويدرك صلاة الليل، يدرك الذكر، والتسبيح، الاستغفار، الإقبال إلى الله، ثم يستقبل نهاره بصلاة الفجر.
عباد الله المؤمنون المتقون جزءٌ من ليلهم يمضونه في طاعة الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، في الإقبال إلى الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، حيث ينفعهم، حيث يستثمرون أحسن استثمار تلك الأوقات الثمينة والمهمة، بعيدًا عن اللغو واللهو والعصيان، ثم بإمكان الإنسان- والله جعل الليل سكنًا كما في القرآن الكريم- يجعل جزءًا من ليله للسكن، للاطمئنان، للنوم، للراحة، حتى يكون في نهاره في حالة من النشاط والحيوية والقدرة الذهنية والنفسية والعصبية والبدنية للتوجه في أعماله ومسؤولياته في هذه الحياة.
أما في شهر رمضان المبارك- ونحن في العشر الأواخر- فليالي هذا الشهر المبارك هي ليالي قيام، في كثير من مجتمعاتنا الإسلامية يعتادون القيام واليقظة طوال الليل، ولكن- للأسف الشديد- البعض منهم يضيع حتى ليالي شهر رمضان المبارك هناك: إما في اللهو واللغو، إما في العبث، هذا خسارة رهيبة جدًّا، هذه حالة غير سليمة أبدًا بكل الاعتبارات، إذا كان لا بد من أن تقضي ليلك بشكل أو بآخر فأقل شيء في عمل، البعض لا بأس يعني عاد با يمضي جزءًا من ليله في عمل، يلهم الله، يشتغل، يكد، يعمل، ينفع، أما الذين يضيعونه باللهو والعبث، بالمعصية التي تدنس النفس، هذه قضية خطيرة جدًّا، وما أسوء أن يتحول عمرك، إلى مصدر تتحمل به الأوزار والآثام والذنوب، إلى ما يفسد نفسيتك.
عباد الرحمن ولجوؤهم إلى الله
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً (65) إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}، خائفون من الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، مؤمنون بوعيده، مؤمنون بالآخرة، يخافون من جهنم، يدركون أن العبث، أن الإهمال، أن التفريط في هذه الحياة، أن الاستهتار بالمسؤولية، أن الانجرار وراء هوى النفس وشهوات النفس ورغبات النفس، أن معناه: الخسارة الرهيبة التي تودي بالإنسان إلى جهنم.
من يعبث في هذه الحياة، من يعيش بعيدًا عن الإحساس بالمسؤولية، من يفرِّط، من يهمل، من يعصي، من يستهتر؛ النتيجة هي جهنم “والعياذ بالله”، قضية خطيرة، فهم يسعون عمليًا، ويلتجئون إلى الله بالدعاء التجاءًا بأن يصرف عنهم عذاب جهنم (إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا): عذاب رهيب وملازم للإنسان، يعيش فيه للأبد، قضية خطيرة ومزعجة جدًّا لأي إنسان يتأملها، {إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً}، (سَاءتْ مُسْتَقَرّاً): أسوء مكان يستقر فيه الإنسان، ما أسوء وما أكبرها من خسارة أن يتحول مستقر حياتك الأبدي في الآخرة في جهنم، وأن تكون دار إقامتك، هذه كارثة رهيبة، لا ينجيك منها إلا العمل الصالح، والإقبال إلى الله وفق ما رسمه الله في كتابه الكريم.
عباد الرحمن وتصرفاتهم المالية
{وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}، الاستقامة في التصرفات المالية: المال نعمة أعطاك الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، ومسؤولية، ويرتبط بالمال مسؤوليات كبيرة في هذه الحياة، ويريد الله منك أن تشكر نعمه عليك، وعطاءه لكل الأشياء المادية، يعني: المال نقدًا، أو كل ما مكَّنك الله فيه من إمكانات، هي نعمة عليك، وما بيدك من هذه النعم يجب أن تتعامل فيه بمسؤولية، بما ينفع في هذه الحياة، أن تكون نفقاتك في هذه الحياة- حتى نفقاتك المنزلية- متزنة، لا إسراف فيها ولا تقتير، هذا الاتزان، هذا التوازن في الإنفاق هو هادف ومهم؛ لأن هناك مسؤوليات أخرى تتصل بالجانب المالي، إذا عندك مال أنت معني بالإنفاق في سبيل الله كواحدة من أهم مسؤولياتك وواجباتك المالية، عندك مسألة الزكاة، عندك مسألة الإحسان والصدقات، عندك الإنفاق في وجوه البر، فإذا كنت متزنًا في نفقاتك المنزلية واحتياجاتك في الحياة، وتتصرف بشكل متزن، فهذا سيتيح لك المجال إلى أن تلتفت إلى بقية المسؤوليات التي عليك.
لاحظوا، أولًا: نتحدث عن الإسراف: قضية الإسراف قضية خطيرة جدًّا، من أكبر الآفات في التجاوزات في النفقة، ويعاني منها الكثير من الناس من ذوي اليسر والسعة، هي الإسراف، وأيضًا أخو الإسراف وقرينه، وهو التبذير، الإسراف: هو تجاوز الحد في النفقة من حيث الإنفاق-مثلًا -في معصية الله، أي مال تصرفه في معصية، أو في باطل، هو إسراف، أنت أسرفت، المبالغة أيضًا، مثلًا: عندما تشتري شيئًا تافهًا بمبلغ كبير جدًّا، أو تنفق أموالًا طائلة جدًّا في أشياء تافهة، هذا عبث، فكل ما تنفقه في معصية الله، كل ما يزيد عن الحاجة، وأصبح إما للمباهاة والتعالي به، أو- كذلك- فيه معصية، وجه ومن وجوه المعصية والفساد، يعتبر إسرافًا وتجاوزًا.
التبذير كذلك: الإضاعة والعبث بالنعمة، مثلًا: البعض يحضرون كميات كبيرة من الطعام، إما في المنزل، وإما فيما يشترونه في المطعم، يبقى الكثير، أكلوا قليلًا منه وبقي الكثير، يذهب البعض حتى من طيب الطعام: اللحوم، الأرز، الفاكهة، الخبز، كميات كبيرة ليرمي بها إلى القمامة، هذا يعتبر تبذيرًا، أي شكل من أشكال الإضاعة للمال، أو للطعام، أو ما شاكل من إمكانات بكل حالات العبث والاستهتار التي تعطل النعم، التي تضيع النعم، التي تفقدك قيمة هذه النعمة والاستفادة من هذه النعمة، أحيانًا حالة من العبث والإهمال الشديد تعطل عليك الاستفادة، أو تتلف عليك بعض مقتنياتك في المنزل، هذه الحالة من الإضاعة والإهمال والعبث هي تصرفات ممقوتة ومحرمة.
الماء أيضًا- والماء من أعظم النعم- البعض يبذر بالماء، يفتح- مثلًا– حنفية الماء، يتركها تسكب بقوة، ويضيع الكثير من الماء من أجل أن يغسل وجهه، أو أن يتوضأ، أو أن يغسل يديه، ويترك هذا الماء يسكب ويسكب ويسكب بغزارة كبيرة، فيستهلك كمية كبيرة جدًّا في مقابل الحاجة الفعلية التي كانت شيئًا قليلًا.
لتكن التصرفات المالية وفق الاحتياج
تصرفاتنا المالية يفترض أن تكون متطابقة مع الاحتياج، وضمن أولويات هادفة في هذه الحياة، وبمحافظة على ما أولانا الله وأعطانا من النعم وما مكننا منه، لا ينفق الإنسان أموالًا في تفاهة، أموالًا كثيرة في معصية الله، هذا إسراف محرم، وذنب كبير، وكفران للنعمة، عندما تصرف الأموال في معصية الله: إما في دعم باطل، وإما في الحصول على حرام، وإما لتتمكن من فعل حرام. أولًا: لا تتصرف في مالك ولا في إمكاناتك من أجل هذا الشيء، البعض قد ينفق لشراء محرمات، أو لفعل محرمات، أو لارتكاب رذائل وجرائم أخلاقية “والعياذ بالله”، أو لأي شكل من أشكال التمويل الذي يساعد على محرمات أو معاصي، هذا يجب أن يشطبه الإنسان، وأن لا يكون ضمن تصرفاته المالية.
ثانيًا: حالات العبث والإهمال، العبث الذي تتلف فيه مقتنيات منزلك، أو تخسر فيه من أملاكك في أشياء تافهة لا قيمة لها، حالات التبذير التي تضيع فيها أشياء كثيرة، والإنسان إذا تعوَّد على الإهمال والضياع والتبذير والإسراف كم يضيع، كم يضيع!
واحد من الإخوة التجار الذين يبتاعون ويشترون في القمح، قال: عمل دراسة من خلال فريق كلَّفه أن يعمل دراسة- مثلًا– في الفائض من الخبز الذي يذهب من المنازل والمطاعم، تصوروا أن الدراسة هذه قدَّرت أن هذا الذي يذهب به الناس إلى القمامة من الخبز الذي يفيض في المنازل، والذي يزيد ويبقى بعدهم وبعد تناول وجباتهم في المطاعم، قد يعادل ثلث أو نصف الاستهلاك من القمح! فإذا كنا، مثلًا: الناس عادةً يبقى- لدى أكثر الناس- يبقى بعد وجباتهم بعض من الخبز، أو في المطاعم بعض من الطعام، أو ما شاكل، ليتعلم الناس الاتزان في كل أمورهم، والالتفات والتركيز على بقية الأمور.
تعليمات مهمة
لاحظ مثلًا: طريقة الناس في تناول الطعام، تكون طريقة يحرصون فيها إذا بقي شيئًا من الطعام أن يبقى سليمًا، مثلًا: حتى في أقراص الخبز، يأكلون القرص الأول، القرص الثاني… لا تجي تقطع من هذا القرص قطعة، ومن القرص الذي تحته قطعة، ومن القرص الذي تحته قطعة أخرى…وهكذا. |لا|، بقيت أقراص سليمة، هذه الأقراص التي بقيت سليمة يمكنك وأنت في المدينة، كم في المدينة من جوعى، كم في المدينة من الذين يعانون ويتمنون الحصول على لقمة خبز، أن تخرج هذه الأقراص وتصونها وتحفظها، وتستخدم لها أي غطاء تلفها فيه، وتخرجها بكرامة إلى جائع تطعمه، كم لك في هذا من عظيم الأجر والثواب، بدلًا من أن تذهب بها إلى القمامة فتتحمل إثمًا، تكون مصدرًا للأجر والثواب، بقي أيضًا جزء من الإدام ينظم، الناس مثلًا– وبالذات في أوقات الضيافة ونحوها- ينظِّمون أساليبهم التي يسعون من خلالها إذا بقي شيءٌ من الإدام أن يبقى نظيفًا، أن يبقى صالحًا، أن يبقى سليمًا، بحيث يمكن أن يكون منعزلًا، يعني: في إناء يفرغون منها، أو قدور، أو غير ذلك… يفرغون منها، وما بقي بقي محترمًا، وليس فضلات بقي في ذلك الوعاء أو ذلك الإناء، وأخرجوه للفقراء، يطعمونهم به، ينالون بذلك أجرًا عظيمًا من الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى، وفعل الخير عادة، يمكن يتعود الإنسان على هذا، يمكن يضع الناس آليات تساعد على هذا، يمكن الكثير من الناس أن يهتم بجيرانه وأن يحسن إليهم، وكثيرٌ من الناس لهم جيران فقراء ويعانون، ويعانون، قد يكون في منزلك اللحم والمرق والأرز والفاكهة، بينما في منزل جارك ليس لديهم سوى الزبادي والخبز القليل الذي لا يشبعهم من جوع، فساهمت ببعضٍ مما لديك: من تلك الفاكهة، من ذلك اللحم، وقدمته إليهم بطريقة محترمة ولائقة وكريمة، تحرص على هذا؛ كي لا تحبط أجرك، وكي لا تخجلهم، كي لا تكن بطريقة مسيئة إليهم، كم في ذلك من أجر وثواب وفضل.
لم يسرفوا ولم يقتروا
الاتزان في نفقاتك المالية سيوفر لك ما تستطيع أن تسهم به في سبيل الله في مواجهة العدوان، ما تساهم به للفقراء والمساكين، قد تساهم في مساعدة أسرة فقير من أسر الشهداء، من أسر المرابطين الذين أحصروا في سبيل الله، لا يستطيعون ضربًا في الأرض، أسرة جريح، أسرة معاق، أسرة فقير من فقراء المجتمع، يعاني الأمرّين، يعاني البؤس والحرمان والعناء.
فالمؤمنون المتقون حكماء ومتزنون ومسؤولون في تصرفاتهم في حياتهم، فيما يتعلق بالإمكانات والماديات، وفي طريقتهم في الإنفاق، {لَمْ يُسْرِفُوا}، ما عندهم إسراف، ما عندهم- أيضًا– تبذير، والتبذير خطير جدًّا، قال الله تعالى: {وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً}[الإسراء: من الآية26-27]، والجميع بحاجة إلى أن يتثقف بهذه الثقافة، أماكن القمامة في المدن والأرياف تشهد على أن هذه الثقافة ضعيفة في المجتمع، وأن هناك حالة من الإسراف والتبذير منتشرة بشكل كبير، ويجب أن يتثقف الناس الثقافة التي تساعدهم على الالتزام في هذه الأمور والاهتمام والانتباه، وثقافة تكون لدى الرجال ولدى النساء أيضًا، حتى تكون في مطبخها تحسن التصرف والتقدير المتزن لما تقدِّمه وتعده من طعام.
{وَلَمْ يَقْتُرُوا}، ولم يكونوا بخلاء ومقتّرين، وقليلي النفقة عن الحد المحتاج إليه، مع التوفر، عندك مال، عندك يُسر، عندك سعة، فإذا بِكَ شحيح، وإذا بِكَ بخيل، وإذا بِكَ تترك أسرتك يعانون، ولا تقدِّم لهم بمقدار حاجتهم من تلك الضروريات المهمة لحياتهم.
هذا الحالة من التوازن عبَّر عنها القرآن بقوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}، يعني: ما تقوم به الحالة: العدل، التصرف الصحيح بمقدار الحاجة، وضمن الأولويات.
هذه الثقافة، وهذه الأخلاق، وهذه السلوكيات الراقية جدًّا، والحضارية فعلًا، هذه التصرفات الحضارية التي نحتاج إليها، والتي ستساعد مجتمعنا الإسلامي إلى إعادة النظر في كثيرٍ من الأشياء التي يهدرها، يتلفها، يضيعها.
في الغرب يستفيدون من كل شيء، المجتمع الغربي الكافر بات أرقى وعيًا من مجتمعنا الإسلامي تجاه الاستثمار والاستغلال الأمثل للنعمة في أقصى مستوى، حتى القمامات عندهم يستفيدون منها، بأشكال كثيرة جدًّا، القمامات تتحول عندنا في مجتمعنا الإسلامي إلى مشكلة كبيرة على النظافة، تصنع مشكلة نظافة، في المجتمعات الغربية- في كثيرٍ من المجتمعات الغربية- القمامة عندهم يستفيدون منها في توليد الطاقة الكهربائية، يستفيدون منها في إعادة الإنتاج لأشياء كثيرة في عملية التصنيع، يستفيدون منها في أشكال وأغراض متنوعة، كم يا برامج تلفزيونية تتحدث عن إعادة التدوير، إعادة الاستفادة من تلك الأغراض.
الحالة العبثية عند الكثير منا في مجتمعاتنا الإسلامية تجعلهم يتركون أكثر الأشياء، يعبثون بأكثر الأشياء، يهملون أكثر الأشياء، يضيعون أكثر الأشياء، يعبثون بأكثر الأشياء، حالة رهيبة، أما المجتمعات الثرية، مثلما هو حاصل لدى البعض في مجتمعات الخليج فكارثية ، البعض يحكي لنا كيف يخرجون من بعض الولائم بأعداد كبيرة مما تبقى من الطعام، وفيها الكثير من الغنم، الكثير من الكباش، الكثير من اللحوم، الفاكهة، كميات لا زالت كما هي يذهبون بها إلى القمامة، أما إنفاقهم في معصية الله: المليارات تذهب لدعم الصهاينة والأمريكان، الأموال الكثيرة التي ينفقونها في تغذية الفتن، والنزاعات، والصراعات، وسفك الدماء، في نشر الباطل، في نشر الكراهية، والعقد، والفرقة، والبغضاء بين المجتمع الإسلامي، في تمويل قنوات خليعة وفاسدة، في أشياء كثيرة جدًّا، أشكال كبيرة جدًّا.
من أهم ما تحتاج البشرية فيه إلى الرشد، وإلى الحكمة، وإلى الإيمان، وإلى التحلي بالمسئولية: التعامل مع النعم، التعامل مع المال، التعامل مع الإمكانات.
إن شاء الله نكمل الحديث حول هذا الموضوع، وفي بقية الآيات المباركة في ذات السياق، في المحاضرات القادمة.
نسأل الله سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى أن يوفقنا وإياكم لما يرضيه عنا، أن ينصرنا بنصره، وأن يرحم شهداءنا الأبرار، وأن يشفي جرحانا، ويفرِّج عن أسرانا، إنه سميع الدعاء.
وَالسَّـلَامُ عَلَـيْكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه؛؛؛